يعاني الكثير من الشباب في كثير من مجتمعاتنا العربية من مشكلة ضعف الشعور بالإنتماء سواء كان هذا الإنتماء إلى مجتمعاتهم المحلية ، أو إلى أسرهم ، أو إلى أمة الإسلام وشريعته الغراء . فالشباب يشعر بالغربة على أرضه وعدم الإنتماء . فلا يشعر مثل هؤلاء الشباب بالتوحد والإتحاد في كيان واحد وجسد واحد مع مجتمعهم
والمفروض _ إذا ترى الشاب تربية دينية وطنية وغجتماعية وأسرية سوية _ أن يشعر أنه ومجتمعه جسد واحد وكيان واحد ، ومن ثم يسعد لسعادة مجتمعه ويتألم لآلامه ويحتضن مبادئ مجتمعه وأهدافه ورسالته وقيمه ومعاييره ونظمه وفلسفته وعقيدته ، وتصبح هذه القيم قيمه هو ومن ثم ينبري ويتصدى للدفاع عنها وحمايتها . كما ينبري للدفاع عن الوطن إذا ما أحدقت به الأخطار
ويدفعنا الشعور القوي بالإنتماء إلى الوطن العربي الكبير وأمتنا الإسلامية ، إلى إفراغ الجهود وبذل كل ما أوتينا من قوة وعزم في سبيل رفع شأنها وإعلاء كلمتها والنهوض بها والعمل على تقدمها وإزدهارها ورفع هامتها عالية بين الأمم
أما عدم الإنتماء فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة وعدم تحمل المسؤلية
وينبغي أن يدرك الشباب أنه يتعرض لكثير من حملات الغزو الثقافي التي يشنها أعداء الإسلام للنيل من قوة الشخصية ومن صلابة الإرداة العربية ومن قوة العقيدة الإسلامية
أساليب الوقاية والعلاج؟؟من أهم هذه الوسائل، التوعية الوطنية والتربية الدينية التي ترسخ المشاعر الدينية والإسلامية وتؤصلها وتنميها في ذهن الشاب وفي حسه ووجدانه
ووكذلك عن طريق المدرسة الإسلامية والجامعة أن تسهما في غرس الشعور بالإنتماء عن طريق إبراز مفاخر الحضارة الإسلامية التي هي ولا شك أرقى الحضارات التي عرفتها الإنسانية قاطبة
وكذلك إبراز ما ينطوي عليه تاريخنا القديم والحديث من الأمجاد الخالدة والمفاخر التليدة والإنتصارات العظيمة . وينبغي بيان فضل الإسلام وعلمائه على الحضارة الغربية ، وبيان فضل السبق لإسلامنا الحنيف في شتى مجالات العلم والمعرفة ، مع التوكيد للشباب أن أمة هذا شأنها من العظمة وهي قادرة على أن تستعيد مجدها وعظمتها ، وأن تحتل مكانتها المرموقة تحت الشمس ، وذلك إذا اتحد أبناؤها واتفقت كلمتهم واجتمع شملهم وتعاونوا على البر والتقوى ... الخ
وتستطيع مؤسسات الثقافة الجماهيرية ، كالإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات والمسرح ، وما يمكن أن يقام من المعارض والمتاحف والمهرجانات ، أن تساهم في تنمية الشعور بالإنتماء وذلك بإنتقاء المادة الهادفة والبعد عن تشجيع اللهو والعبث ، وما يثير الشك والريبة أو يثير الغرائز والشهوات
كذلك فإن الأسرة لها دوراً أساساً في تنمية هذا الشعور ، لأن الأسرة هي المؤسسة الأولى التي تستقبل الطفل وهو ما يزال عجينة لينة طيعة تقوم هي على صناعته وتشكيله وصقل شخصيته . وتستطيع أن تحبب عنده المجتمع وتجعله يرضى عنه بل ويعتز به ويفخر . بل إن ما يمر به الطفل من خبرات داخل دائرة الأسرة سرعان ما ينتقل معه إلى المجتمع الخارجي
ومن هنا فإن الأسرة التي يشعر أعضاؤها بالإنتماء إليها والتوحد معها والتعاطف فيما بينهم ، يشب أعضاؤها على حب الوطن وتقديره والإعجاب به
ومن الوسائل العملية التي تنمي هذا الشعور حل مشكلات الشباب وتحريره مما يكبل طاقته من الأزمات والصراعات ، ومن مواقف الإخفاق والإحباط ، ومن الشعور باليأس والقنوط ، مع توفير الرعاية الدينية أو الروحية والصحية والنفسية والإجتماعية والتعليمية لجمهور الشباب التي تقع في نطاق الإعتدال والمعقولية
وعلينا أن نعمل على تعريف شبابنا بمظاهر النهضة الحديثة وما يقام من المصانع الضخمة والمشاريع العمرانية واستصلاح الأراضي وتحلية والمياه واستغلال الطاقة الشمسية ومشاريع الخدمات ... الخ